هو واحد من أكثر الأفلام المثيرة للجدل والمزعجة في تاريخ السينما، سواء بسبب المحتوى اللي اختار يعرضه أو كل شيء صار خلال تصويره. القصة المثيرة للجدل لفيلم “سالُو أو 120 يوم من سدوم”، آخر عمل للمخرج الإيطالي بير باولو بازوليني، تستمر في ترك تأثير مثل الفيلم نفسه.
والمحتوى نفسه رهيب. استناداً إلى رواية “مدرسة الفجور” للمركيز دي ساد، بازوليني يأخذنا إلى جمهورية سالو في الأربعينيات، المرتبطة بشدة بنظام موسوليني الفاشي اللي كان أيضاً دولة دمية لألمانيا النازية. هناك يصف الأعمال الفظيعة لأربعة رجال مرتبطين بالحكومة السلطوية.
باتباع إرشادات وثيقة منحرفة، يختارون ثمانية أشخاص من الجنسين ليصبحوا ضحايا لممارساتهم القاسية والدموية. هؤلاء الشباب، المقاومون أو أبناء المقاومين، بيخضعون للقواعد الرهيبة للعبة التي وضعها هؤلاء الرجال، لأن الرفض يعني الموت نفسه. إدانة للفاشية، الفساد، الرأسمالية المتطرفة والسادية المرتبطة بالأنظمة الفاشية.
إذا ما كان ما قيل كافي من الرعب، فإن عملية تحويله إلى صور كانت معقدة جداً. تصوير المشاهد اللي بتصور أفعال جنسية مثلية، كوبروفيلية وسادية كان صعب ومكثف جداً لدرجة إن عدة ممثلين عانوا من حروق وجروح.
ما هو غريب إنه لتخفيف من اللحظات الصعبة للتصوير والواقع القاسي اللي كانوا يروونه، كان عدة من الشباب في الطاقم يتبنون موقف أكثر استرخاءً وحيوية. لما ما كانوا على موقع التصوير، كانوا يتشاركون في تناول أطباق الريزوتو ولعب مباريات كرة القدم مع الطاقم اللي كان يصور فيلم بيرناردو برتولوتشي “نوفشنتو” اللي كان بجوارهم.
واحد من أصعب اللحظات خلال التصوير كان سرقة جزء من مشاهد الفيلم. ما تم اكتشاف مين اللي كان وراء السرقة، لكن اللصوص طلبوا فدية مقابل إعادة المشاهد. بازوليني رفض واضطر لإعادة تصوير هذه المشاهد مرة ثانية، لكن من زاوية أخرى، مخفياً إنه ما عاد عنده نفس الممثلين اللي صور معهم هذه المشاهد.
لكن المشاكل لفيلم “مدرسة الفجور” ما انتهت خلال التصوير. عرضه كان مراقب في العديد من الدول بسبب المشاهد الجرافيكية للاغتصاب، التعذيب والقتل. إيطاليا نفسها أجلت عرضه حتى نهاية 1975 بعد الرفض في العرض الأولي. دول مثل أستراليا، نيوزيلندا، كندا والمملكة المتحدة منعت عرضه لسنوات، لعقود حتى، ورفعت الحظر فقط بعد تعديل بعض الصور الأكثر وضوحاً. لاحقاً، النسخ غير المراقبة كانت تتجاوز الحظر وتعرض في المسارح البريطانية.
مقتل بازوليني
ومع ذلك، أكثر شيء صادم صار وراء الكاميرات كان القتل الوحشي للمخرج نفسه قبل ثلاثة أسابيع من العرض الأول. بازوليني وجد مع عدة عظام مكسورة، خصيتيه محطمتين بما يبدو أنه قضيب معدني وعلامات على إنه تم دهسه عدة مرات بسيارته الخاصة. أيضاً تم حرقه جزئياً.
لفترة طويلة كانت هناك تكهنات إن المافيا كانت وراء القتل، في محاولة لمنع العرض وأيضاً لمعاقبة المخرج بسبب مثليته الأجنسية وأيديولوجيته الشيوعية. لاحقاً، شاب اسمه بينو بيلوسي اعترف بتنفيذ القتل دفاعاً عن النفس، بعد ما التقى ببازوليني الليلة السابقة لعلاقة جنسية وبازوليني حاول يدمره بتطبيق عنف شديد.
ومع ذلك، في 2005 تراجع عن هذا الاعتراف، مشيراً إلى إنه أجبر على الإدلاء به بسبب تهديدات لعائلته، ويدعي إن دافع القتل كان أيديولوجية المخرج الشيوعية. ظهرت أيضاً أدلة تشير إلى إن هناك محاولة ابتزاز وراءه، اللي يمكن تكون مرتبطة باللقطات المسروقة خلال تصوير الفيلم.